منخفض القطارة.. إنطلاقة خضراء من عمق الصحراء - ايجي سبورت

الجمهورية اونلاين 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
منخفض القطارة.. إنطلاقة خضراء من عمق الصحراء - ايجي سبورت, اليوم الأربعاء 16 يوليو 2025 12:04 مساءً

ايجي سبورت - مشروعٌ ينتمي إلى طراز الأحلام الكبرى التي تتحدى الجغرافيا وتناطح المستحيل، ويعد بإعادة رسم الخريطة التنموية لمصر، من خلال تحويل هذا المنخفض الطبيعي الهائل إلى قطب أخضر يعج بالحياة، ويوفر فرصًا جديدة في مجالات الزراعة، والطاقة، والإسكان، والصناعة.

فهل تسمح معطيات الجيولوجيا والبيئة بتنفيذ هذا الحلم؟ وماذا يقول الخبراء عن الكلفة، والعوائد المنتظرة، والتحديات الجيوسياسية والبيئية التي قد تعترض الطريق؟

في هذا التحقيق، نغوص في أعماق المشروع، نستعرض أبعاده المختلفة من خلال آراء المتخصصين في الجيولوجيا، والبيئة، والاقتصاد، والطاقة، لنرسم صورة موضوعية عن مدى جدواه، فرص تنفيذه، وأثره المحتمل على مستقبل مصر الاقتصادي والسكاني.

فهل يكون منخفض القطارة الأخضر هو مشروع القرن؟ أم يظل مجرد حلم معلق في فضاء الطموحات المؤجلة؟

أجمع خبراء الاقتصاد والزراعة والطاقة المتجددة والچيولوجيا أن مشروع منخفض القطارة يهدف إلى توليد الكهرباء من خلال الاستفادة من فارق المنسوب بين البحر الأبيض المتوسط والمنخفض مما يسهم في توفير طاقة نظيفة ومتجددة، بالإضافة إلى ذلك يمكن استغلال المياه المتدفقة في تحلية المياه وتنمية الأراضي الزراعية، مما يعزز الأمن الغذائي ويخلق فرص عمل، كما يساهم المشروع في تخفيف الازدحام السكاني في مناطق أخرى من خلال إنشاء تجمعات عمرانية جديدة في الصحراء الغربية، بشكل عام يمثل مشروع منخفض القطارة فرصة لتحقيق التنمية المستدامة في مصر من خلال الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية المتاحة وتوفير الطاقة النظيفة، وتحسين مستوى معيشة المواطنين وتنمية المناطق الصحراوية.

د. محمد شهاب:
المشروع يتكلف 14 مليار دولار
لحفر قناة بطول 75 كليو مترًا في الصخور الجيرية

يستلزم إصدار سندات حكومية لتوفير التمويل..
وجذب الاستثمارات الخاصة بتقديم حوافز ضريبية

يقول د. محمد شهاب نائب رئيس جامعة دمياط وأستاذ الاقتصاد، إن مشروع منخفض القطارة يعد من المشروعات القومية التي تبناها الرئيس عبدالفتاح السيسى والذي تمت الدعوة له منذ أكثر من ٩٠ عاما ولم يحظ باهتمام من المسئولين علي الرغم من مزاياه المتعددة في مجالات الكهرباء والزراعة والاستزراع السمكي والاستثمار، ويعد الهدف الأول للمشروع هو توليد كميات هائلة من الكهرباء، عن طريق شق مجري يوصل مياه البحر الأبيض المتوسط إلي منطقة منخفض القطارة في الصحراء الغربية، وتتمثل الصعوبة الاقتصادية للمشروع في زيادة تكلفة التنفيذ لحفر مسار لقناة المشروع بطول نحو ٧٥ كيلو مترًا في الصخور الجيرية الموجودة في المنطقة والتي من المتوقع أن تكلف نحو ١٤ مليار دولار في آخر حسابات لوزارة الكهرباء والطاقة.

أشار د. شهاب إلى وجود آبار بترول في المنخفض ووجود اتفاقيات مع شركات للتنقيب عن البترول تنتهي عام ٢٠٢٩م ومن المتوقع أن يحقق المشروع العديد من الفوائد من أهمها استصلاح مساحات شاسعة من الأراضي مما يسهم في تحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، بالإضافة إلى توفير فرص عمل دائمة ومتزايدة في مجالات الزراعة والصيد وتصنيع الأسماك، كما يسهم المشروع في سد الفجوة في كثير من المنتجات مما يزيد المعروض السلعي، ويعمل على الحد من ارتفاع الأسعار، ومع حدوث التنمية سيتم نقل مجموعات من السكان، وإقامة مجتمعات تنموية في الصحراء الغربية مما يمثل حلًا لمشكلة التكدس السكاني وتحقيقا للأمن.

أضاف إن من شأن وضع خطط لتحلية المياه التغلب على مشكلة ندرة المياه العذبة وتحقيق مزيد من الأمن المائي والغذائي وتحقيق التوازن البيئي والبيولوجي، والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف يمكن توفير مصادر لتمويل إنشاء المشروع؟ ويمكن القول إنه بجانب التمويل الحكومي في بداية المشروع من خلال إصدار سندات حكومية خاصة بالمشروع، مع العمل على جذب الاستثمارات الخاصة من خلال تقديم مجموعة من الحوافز الضريبية وتخصيص أراض حول المنخفض.

نوه إلى ضرورة تقديم دراسة جدوي تحظي بقبول المنظمات التمويلية الدولية كالبنك الدولي وبنك التنمية الإفريقي للمساهمة في التمويل، ومع تعدد الآراء وكثرة تعداد السلبيات والايجابيات المتوقعة من إنشاء المشروع، فإن الأمر يستوجب القيام بدراسة جدوى يقوم بها عدد كبير من الخبراء والهيئات ومراكز البحوث تشمل جميع الجوانب الجغرافية والبيئية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية قبل اتخاذ القرار بالتنفيذ.

د. محمد إبراهيم:
نقلة نوعية لتحويل الصحراء إلى سلة غذاء متكاملة
بحلول علمية مبتكرة ومستدامة

الري بالمياه المالحة أو المعالجة
ممكن بزراعة محاصيل تتحمل مستويات ملوحة عالية

مكافحة التصحر وتحسين المناخ بزيادة الغطاء النباتي
وخفض درجات الحرارة وتعزيز التنوع البيولوجي

يري د. محمد إبراهيم أستاذ بقسم وقاية النبات كلية الزراعة جامعة أسيوط، أن مشروع منخفض القطارة الزراعي نقلة نوعية في استصلاح الصحراء بتحويل أرض جرداء إلي سلة غذاء متكاملة باستخدام حلول علمية ومبتكرة ومستدامة.. حيث يعد أحد أهم الركائز لتطوير الزراعة الذكية في قلب مصر، فبالنسبة للتربة الخاصة بمنخفض القطارة فهي تربة رملية أو رملية طينية بمعني أنها جيدة الصرف والتهوية ولكنها قد تكون غير غنية بالمواد العضوية والعناصر الغذائية، لذلك تسهم إضافة الأسمدة والمحسنات العضوية والكمبوست في تحسين خواص التربة وزيادة كفاءتها الزراعية، إلي جانب إطالة مدة صلاحية استخدامها بمرور الوقت.

أشار إلى أن الري بالمياه المالحة أو المعالجة يعد خيارا ممكناً بشرط اختيار محاصيل لها القدرة على تحمل مستويات عالية من الملوحة، إذ تتراوح ملوحة المياه في بعض المناطق بين ٤٠٠٠ و ٨٠٠٠ جزء من المليون (Ppm) وقد تتجاوز هذه القيم في بعض الحالات، وقد أثبت العديد من التجارب الناجحة خاصة في مصر وبعض دول الخليج العربي إمكانية زراعة محاصيل مثل الشعير والتين الشوكي والبرسيم الحجازي باستخدام مياه تصل درجة ملوحتها إلي ١٠٠٠٠ جزء في المليون، تعكس المعطيات السابقة وجود فرصة لإمكانية التوسع في الزراعة بالمياه المالحة خاصة في المناطق التي تعاني من ندرة المياه العذبة بشرط الاعتماد على أصناف مقاومة للملوحة واستخدام تقنيات جديدة وفعالة وإدارة عمليات الري بطرق جيدة ومناسبة.

أوضح أن منخفض القطارة من المناطق الواعدة لزراعة عدد من المحاصيل ذات القدرة على تحمل الملوحة من أبرزها التين الشوكي الذي يتميز بانخفاض تكلفته وقدرته الكبيرة علي تحمل الملوحة مع عائد يصل إلى ١٠٠٠٠ جنيه للفدان بالإضافة إلى ذلك تعد الجوجوبا من المحاصيل الاقتصادية المهمة، إذ تتحمل ملوحة مرتفعة وتستخدم في إنتاج الزيوت بعائد يتراوح بين ١٥٠٠٠و ٢٠٠٠٠جنيه للفدان بعد ٣ إلي ٥ سنوات ومن الأمثلة الأخري الشعير والبرسيم الحجازي المستخدمان كعلف، حيث يتحمل الشعير ملوحة متوسطة والبرسيم الحجازي ملوحة متوسطة إلي عالية، ويتميز البرسيم بإمكانية التصدير، وتشمل البدائل الأخري نخيل التمر فيتحمل ملوحة متوسطة، ويحقق عائداً مرتفعا نظراً للطلب المتزايد عليه في الأسواق المحلية والعالمية.

نوه إلي التأثير البيئي المتوقع من تحويل هذه المساحة إلي مشروع زراعي إذا نفذ المشروع بطريقة علمية ومدروسة، فإنه سيحقق العديد من الآثار البيئية الإيجابية لمعالجة التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، من أبرزها المساهمة في مكافحة التصحر وتحسين المناخ المحلي، وذلك من خلال زيادة الغطاء النباتي الذي يسهم بدوره في تقليل الغبار وزيادة نسب الأوكسجين وتقليل نسب ثاني أكسيد الكربون وخفض درجات الحرارة وتعزيز التنوع البيولوجي، بالإضافة إلى ذلك فإن المشروع سوف يزيد من الرقعة الزراعية ويخلق فرص عمل جديدة، ويقوم بدعم التنمية الاقتصادية التي تخدم قطاع الزراعة في نهاية المطاف إلى جانب تعزيز كفاءة استخدام الموارد من خلال إعادة استخدام المياه المعالجة بدلاً من التخلص منها مما يعزز التنمية البيئية المستدامة.

د. عباس شراقي:
يحتاج لدراسات جدوى اقتصادية
وبيئية من بيوت خبرة عالمية

يقول د. عباس شراقي أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، إن ربط منخفض القطارة بالبحر المتوسط يؤدي إلى امتداد البحر إلي الداخل ليقترب من بعض المناطق الزراعية مثل منطقة المغرة وواحة سيوة وتغيير طبيعة المنطقة إلي بيئة بحرية في المقابل يوجد مشروع آخر لملء المنخفض بمياه عذبة من نهر النيل، فإن لم يكن حالياً بسبب محدودية الحصة المائية، فقد يكون مستقبلاً في حالة زيادة الحصة عن طريق تنفيذ بعض المشروعات المائية في السودان وجنوب السودان، ومد نهر موازٍ للنيل من منخفضات توشكى إلي الواحات الخارجة ثم الداخلة والفرافرة، وصولاً إلى منخفض القطارة في مسار قديم للأنهار في الصحراء الغربية.

أضاف إن كلا المشروعين يحتاج إلي دراسات جدوي اقتصادية وبيئية دقيقة من بيوت خبرة عالمية، وأعتقد أن التوقيت الحالي غير مناسب حتي للإنفاق على هذه الدراسات، بالإضافة إلى أن التنفيذ في أي منهما خاصة بربط المنخفض بالنيل يحتاج إلى مبالغ كبيرة، ثانياً تأثير مياه البحر علي المنطقة من حيث ملوحة التربة والتأثير على المياه الجوفية يحتاج إلى دراسات دقيقة أهمها الخصائص الطبيعية للرواسب السطحية وتحت سطحية من حيث النفاذية والمسامية والتراكيب الجيولوجية من تشققات وفوالق ونوعية الصخور ودراسات كيميائية لتلك الرواسب ودراسات جيوفيزيقية لمعرفة طبيعة الأرض تحت السطح.

أضاف إن هناك خصائص هيدرولوجية للخزانات الجوفية القريبة من السطح، والعميقة من حيث كمية المياه واتجاه حركتها ونوعيتها وسمك الخزان وعمق المياه، ومن الطبيعي أن تزداد ملوحة التربة، وأن تتداخل مياه البحر مع المياه الجوفية السطحية، وهذا يحدث في شمال الدلتا بسبب القرب من البحر، ويتم التغلب على هذه المشكلة بزراعة الأرز الذي يحتاج إلى كميات كبيرة من المياه يكون دورها غسيل التربة الزراعية ثم تغذية النباتات.

د. عمر محمد:
يفتح الطريق للاستثمار في الطاقة والبنية التحتية
والزراعة والسياحة البيئية واللوجستيات

يتطلب تمويلات ضخمة ودراسات دقيقة عن التركيبة الجيولوجية
لتجنب تسرب المياه أو الهبوط الأرضي

يري د. عمر محمد علي أستاذ الجغرافيا البشرية كلية الآداب بجامعة حلوان أن منخفض القطارة أحد المشروعات القومية الطموحة ذات الأبعاد المتعددة والذي يمكن أن يسهم في إحداث نقلة نوعية في التنمية المستدامة مع الرؤية المستقبلية المتكاملة وفقاً لاستراتيجية مصر ٢٠٣٠م أولا الأهداف السياسية من خلال تعزيز السيادة الوطنية على المناطق غير المستغلة، استغلال منخفض القطارة الواقع في الصحراء الغربية يعزز من فرض السيطرة الكاملة على المناطق الحدودية المهجورة أيضا ترسيخ مكانة مصر إقليمياً كقوة تنموية مبتكرة من خلال المشروع يظهر قدرة الدولة المصرية علي تحويل التحديات البيئية إلي فرص اقتصادية وتنموية.

أشار إلى إرسال رسائل استراتيجية حيث يمثل المشروع أداة ردع غير مباشر ضد محاولات تهميش مصر إقليمياً، ويعزز من قوة مصر في التفاوض حول ملفات المياه والطاقة أما بالنسبة للأهداف الاقتصادية كإنتاج الكهرباء النظيفة عن طريق استغلال الفرق في المنسوب بين البحر المتوسط ومنخفض القطارة لإنشاء محطة توليد كهرومائية بطاقة قد تصل إلى ٢٠٠٠ ميجاوات إلي جانب تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية فالمشروع يفتح المجال أمام الاستثمارات في الطاقة والبنية التحتية والزراعة والسياحة البيئية واللوجستيات.

أضاف إن المشروع يسهم في خلق منطقة اقتصادية جديدة من خلال إمكانية إنشاء مناطق صناعية وزراعية تعتمد على الطاقة الرخيصة والمياه المعالجة من مياه البحر، وأيضا توفير فرص عمل؛ فالمشروع سيشغل آلاف العاملين في مجالات الإنشاءات والطاقة والزراعة والخدمات إلي جانب الأهداف الاجتماعية مثل توطين السكان في الصحراء الغربية كدعم لجهود الحكومة في فك التكدس السكاني عن وادي النيل من خلال إنشاء تجمعات عمرانية جديدة مستدامة حول المشروع، بالإضافة إلى رفع مستوى المعيشة من خلال توفير فرص عمل وخدمات جديدة ينعكس مباشرة علي التجمعات المحلية لاسيما في محافظتي مطروح والواحات أيضا تعزيز العدالة المكانية عن طريق تقليص الفوارق التنموية بين مناطق الدلتا والوادي من جهة والمناطق الغربية المهمشة من جهة أخرى.

نوه إلى التحديات التي يمكن مواجهتها مثل التحديات الجيولوجية تحتاج المنطقة لدراسات دقيقة عن الصخور والتركيبة الأرضية لتجنب تسرب المياه أو الهبوط الأرضي أيضا التكلفة الاستثمارية العالية المشروع يحتاج إلى تمويلات ضخمة من الدولة أو شركاء تنمية إلي جانب التحديات البيئية نحو إحتمال تأثير تسرب المياه المالحة على المياه الجوفية والتربة إلى جانب التوافق مع دول الجوار خصوصًا فيما يتعلق بالأبعاد الهيدرولوجية والأمن المائي.

إبراهيم محروس:
توليد كهرباء بنحو ٢١٠.٠٠٠ ميجا وات سنويا
بما يعادل ١٠٠ ضعف إنتاج السد العالى

أشار المهندس إبراهيم محروس عضو المجلس العربي للطاقة المستدامة إلى أن مشروع منخفض القطارة الأخضر حلم مصري تأخر كثيرا وهو مشروع قومي له مكاسب عديدة، وأهمها توليد الطاقة الكهربائية النظيفة المستدامة فعند تنفيذ شق مجري مائي بطول ٧٥ كيلو متراً بمنخفض القطارة سنستفيد من قوة الاندفاع الهائلة لمياه البحر المتوسط إلي المنخفض الذي سيصل عمقه إلي ١٤٥ متراً تحت سطح البحر لتكوين بحيرة صناعية تزيد مساحتها على ٥ ملايين فدان، ويستغل اندفاع المياه لتوليد طاقة كهربائية تتماشي مع المعايير الدولية لإنتاج يصل إلى ٢٥٠٠ كيلووات/ساعة ما يعادل ٢١٠.٠٠٠ ميجا وات سنويا بمعدل إنتاج ١٠٠ ضعف إنتاج السد العالى من الكهرباء الذي ينتج ٢١٠٠ ميجا وات وهو ما يعدّ نقلة نوعية في قطاع الطاقة الذي سيزيد ويضاعف من قدرة مصر لإنتاج الطاقة النظيفة المستدامة وسيوفر مليارات الدولارات على الخزانة المصرية سنويا وتزيد من فرص الاستثمار الصناعي في المنطقة، وسيساعد في خلق فرص اقتصادية واعدة للأجيال القادمة.

يمكنك مشاركة الخبر علي صفحات التواصل

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق