نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
سوريا "منزوعة الأقليات"… نموذجاً!! - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 04:47 صباحاً
ايجي سبورت - بلغ غلوّ بعض الدول المنخرطة بقوة في "هندسات" المرحلة الانتقالية في سوريا بعد سقوط النظام الأسدي حدوداً تجاوزت كل المعايير الطبيعية، حين صارت ترفع في وجه لبنان "نجاحات وإنجازات" الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع نموذجاً معيارياً على لبنان اتباعه والاقتداء به للحصول على مليارات الدعم المطلوبة وإلا تخلف عن كل دول محيطه.
صُمّت آذان اللبنانيين بهذه المعادلة الناشئة التي أخذت أشد تأثيراتها على ألسنة الموفدين الأميركيين والسعوديين وبعض الأوروبيين، وكان بديهياً أن تعتبر هذه المعادلة وسيلة إيجابية في أهدافها القصيرة والبعيدة المدى لحث لبنان على عدم إسقاط فرصة نادرة لبسط السيادة الحصرية للدولة ونزع كل سلاح غير شرعي وإعادة النهوض الاقتصادي والإنمائي.
من غير الممكن طبعاً تجاهل خطورة أن يبرز القصور اللبناني عن التقاط الفرصة الدولية والعربية لإعادة بناء هيكل الدولة فيه، والإفادة القصوى من لحظة دولية إقليمية تتيح له نهوضاً لم ينجز بعد حتى منذ ما بعد بدء الطائف. إذ إن معالم "الجرجرة" في ملفات استكمال بسط السيادة والإصلاح الجذري وكذلك بمستوى أخطار مواجهة الكارثة المتدحرجة للنازحين السوريين، لا يحتاج إبرازها وتسليط الأضواء عليها إلى عناء شديد ولو نالت الحكومة والعهد ثقة متجددة في مجلس النواب قبل يومين. ولكن هذا الواقع المترهل والخطير بترهله، لا يحجب ما يتعين إبرازه بدون قفازات أو تمويه أو مداهنة أو عداء حيال مجريات التطورات الجنونية والدراماتيكية في سوريا سواء بسواء، لأن الربط الكارثي بين أحداث "الشقيقة" ولبنان راهناً عاد ينذر بأسوأ التداعيات على لبنان سواء من بوابة استهداف الدروز أو من بوابات الأمن الحدودي الفالت والخطر المستدام لتوافد ألوف جديدة من النازحين السوريين بدل عودة ما يناهز المليونين المقيمين في لبنان إلى بلادهم.
منذ ما قبل اندلاع الجولات الدموية الأخيرة في السويداء كانت صورة الانتقال السلس المتمدن في سوريا عرضة للتشكيك الكبير مع تواصل العنف الطائفي والمذابح الفردية والجماعية التي أذكتها تداعيات تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق، فبدا مجدداً مصير الأقليات كافة في سوريا بمثابة جرس إنذار بالغ الخطورة حيال الصورة الزاهية الزهرية التي حاولت الدول الداعمة للشرع تعميمها بلا نجاح إطلاقاً. اتخذ الواقع الدامي ذروة تفجيره للصورة "المدولة" للحكم الانتقالي السوري بعدما أسقطت واشنطن كل العقوبات وأزالت صفة التنظيم الإرهابي عن "جبهة النصرة" في تزامن كارثي مع سيلان حمامات الدماء في السويداء والتدخل غير المحسوب إطلاقاً بهذا الحجم لإسرائيل.
أفدح ما تعود إليه الذاكرة اللبنانية المجايلة للحرب في لبنان في هذه اللحظة، هي "حرب الجبل" التي كانت مزيجاً دموياً من فتنة طائفية وتدخلات إقليمية أفضت إلى كارثة مرعبة بين الموحدين الدروز والمسيحيين، تحت تورط إسرائيلي إقليمي استلزم شجاعة فائقة في زمن الطائف لإحلال مصالحة الجبل التاريخية لشفاء أبناء الطائفتين من آثارها، ولكن الجاري في سوريا صار أشد فداحة نظراً لاتساعه المرعب بما يهدد بتجاوز الكارثة الحضارية المدنية التي حصلت سابقاً في العراق بتهجير الأقليات بعد المذابح الأصولية "الجهادية" التي استهدفتهم، فيما تبدو سوريا الآن على مشارف مصير أسوأ وأخطر.
بذلك نتساءل كيف للدول المفتتنة بالحكم الانتقالي الحالي في سوريا أن ترفعه بعد الآن نموذجاً معيارياً للبنان وغير لبنان، فيما الفشل الكارثي في تثبيت أمن سوريا ووقف المذابح الطائفية ولجم تجفيف البلاد من الأقليات ومنع استهدافها ولجم إسرائيل عن القضم والتدخل الحربي، صار العنوان الفادح لمرحلة تنذر أقله بسقوط متجدد للسلطة فيها وعودة الفوضى الدامية على الغارب؟
0 تعليق