نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
ترامب يهدّد بعقوبات على مستوردي النّفط الروسي: تصعيد سياسي أم ورقة ضغط اقتصادية؟ - ايجي سبورت, اليوم الجمعة 18 يوليو 2025 10:33 صباحاً
ايجي سبورت - في تطور جديد يخص الأزمة الأوكرانية، صعّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لهجته تجاه روسيا، ملوّحاً بفرض عقوبات صارمة، ليس فقط عليها، بل أيضاً على الدول التي تستورد النفط والغاز والموارد الطبيعية منها، في خطوة وُصفت بأنها قد تعيد رسم خريطة العلاقات الاقتصادية العالمية.
وجاء تهديد ترامب ضمن تصريحات نارية أعلن فيها نية واشنطن تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية متطورة، بما فيها بطاريات باتريوت، وذلك بتمويل مباشر من حلف شمال الأطلسي (الناتو). ووفقاً لكلامه، فإن الناتو وافق خلال قمته الأخيرة في حزيران/ يونيو على دفع التكلفة الكاملة للأسلحة التي ستُرسل إلى كييف. كما أمهل موسكو 50 يوماً للتوصل إلى اتفاق سلام، مهدداً بأنه في حال فشل ذلك، ستُفرض رسوم جمركية بنسبة 100% على السلع الروسية، إلى جانب رسوم ثانوية على الدول التي تواصل شراء الطاقة الروسية.
وتباينت ردود الفعل على تصريحات ترامب، فوصف الكرملين الخطوة بأنها "بالغة الخطورة"، بينما اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن تسليح أوكرانيا هو "لعب بالنار"، وأن أي شحنة أسلحة غربية ستُعد هدفاً مشروعاً للقوات الروسية.
ولعلّ الدول الأكثر تضرراً من قرار ترامب ستكون الصين (أكبر مستورد للنفط الخام في العالم) والهند (ثالث أكبر مستورد ومستهلك للنفط في العالم). فقد قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان رداً على سؤال حول تهديد ترامب، في مؤتمر صحافي: "لطالما آمنت الصين بأن الحوار والتفاوض هما السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الأوكرانية. ليس هناك رابحون في حرب الرسوم الجمركية، والإكراه والضغط لا يحلان المشكلة".
وارتفعت واردات الصين من النفط الخام الروسي الذي يُعد أكبر مورديها، بنسبة 1% في عام 2024 مقارنة بعام 2023، لتصل إلى مستوى قياسي، بلغ 108.5 ملايين طن، أي ما يعادل 2.17 مليون برميل يومياً، بحسب الإدارة العامة للجمارك الصينية.
وبحسب حسابات "رويترز"، ارتفعت الإمدادات البحرية من روسيا نتيجة الطلب القوي من المصافي المستقلة وشركات النفط الحكومية الكبرى في الصين، إضافة إلى تفويض حكومي بتخزين كميات إضافية من النفط.
صورة تعبيرية (وكالات)
في المقابل، أظهرت البيانات أن الهند، تلقت نحو 1.75 مليون برميل يومياً من النفط الروسي في الفترة من كانون الثاني /يناير إلى حزيران هذا العام، بزيادة واحد في المئة عن العام الماضي.
وارتفعت مشتريات الهند من النفط الروسي المبيع بأسعار مخفضة بعد فرض دول غربية عقوبات وتوقفها عن شراء النفط من موسكو، بعد بدء الحرب في أوكرانيا في 2022.
وفي قراءة للتهديدات الأميركية، قال الباحث في معهد دراسات السلام والصراعات، فلاديمير جورافليوف، إن مهلة ترامب وتصريحاته لا تتعدى كونها محاولة دعائية، واصفاً إياها بـ"جنون المبالغة". وأكد في تصريح إلى "الجزيرة نت" أن الولايات المتحدة ليست في موقع يمكنها من تنفيذ تهديدات واسعة النطاق، خصوصاً إذا كانت تستهدف شركاء كباراً لروسيا مثل الهند، الصين، وتركيا.
وأوضح الخبير العسكري أناتولي ميخائيلوف أن ترامب يحاول أن يبدو لاعباً مؤثراً في الأزمة الأوكرانية من دون الانخراط المباشر، مستنداً إلى تقديرات في واشنطن ترى أن روسيا ستحسم المعركة لمصلحتها في النهاية. ويرى ميخائيلوف أن رفع المساعدات العسكرية لن يُغير جذرياً في ميزان القوى، وأن روسيا مستعدة لتحمّل تبعات العقوبات.
وفي السياق ذاته، تحدث الدكتور محمد موسى، الباحث السياسي والاقتصادي إلى"النهار"، مؤكداً أن العقوبات الأميركية، وإن فرضت، لن تكون ضربة قاصمة لروسيا. وأوضح أن هذه ليست الجولة الأولى من العقوبات الغربية، ولن تكون الأخيرة، مضيفاً: "نعم، تأثر الاقتصاد الروسي، لكن ليس بالقدر الذي كانت تأمله واشنطن أو حلفاؤها. الدول الكبرى مثل الصين والهند وحتى تركيا لن ترضخ للضغوط الأميركية، لأنها تعتمد على الطاقة الروسية اعتماداً حيوياً".
وأشار موسى إلى أن هناك دولاً أوروبية، رغم انتمائها إلى الناتو والاتحاد الأوروبي، لديها مصالح عميقة مع روسيا، وعلى رأسها المجر وسلوفاكيا. وقال: "أي توقف مفاجئ لواردات الطاقة الروسية قد يُنهك موازنات تلك الدول، التي تحتاج أصلاً لدعم أوروبي واسع لتغطية فاتورة الطاقة".
وخلص موسى إلى أن "تهديد ترامب لا يتعدى كونه زوبعة في فنجان"، موضحاً أن العلاقات الأميركية الروسية تمر بمرحلة من الشد والجذب، لكن لا يمكن قطعها بالكامل. فهناك ملفات دولية كبرى – مثل اتفاقيات ستارت، والأمن الفضائي، والتوازن النووي – تجعل من استمرار التواصل بين واشنطن وموسكو ضرورة عالمية.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تبدو التهديدات الأميركية وكأنها محاولة للضغط على الحلفاء قبل الخصوم، واستخدام روسيا ورقة تفاوضية داخلية وخارجية، مع اقتراب الانتخابات الأميركية. ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يمكن أن تتحمّل واشنطن وحلفاؤها عواقب قرارات كهذه إذا تحولت من التصريحات إلى الأفعال؟
0 تعليق