ايجي سبورت - رغم تسارع وسائل النقل الحديثة، لا تزال رحلات القطار تحتفظ بسحر خاص، يجمع بين راحة السفر وبطء التأمل، وبين المشاهد الطبيعية المتبدلة وإحساس العبور من زمن إلى آخر. إنها وسيلة تنقلك ليس فقط من مكان إلى آخر، بل من حالة ذهنية إلى أخرى، حيث يصبح الطريق نفسه جزءًا أساسيًا من التجربة. حول العالم، توجد خطوط قطار لا تُقدّر بثمن من حيث المناظر والرحلة، وهي لا تقتصر على التنقل، بل تُقدَّم كرحلات بصرية وسياحية بامتياز، من جبال الألب إلى سهول الهند، ومن الأنهار الجليدية إلى الصحارى الذهبية.

قطار بيرنينا إكسبريس – سويسرا وإيطاليا

هذا القطار هو بمثابة نافذة بانورامية على جبال الألب، يربط مدينة خور السويسرية بمدينة تيرانو الإيطالية، ويعبر عبر مسار مدرج على لائحة التراث العالمي لليونسكو. في أقل من 4 ساعات، يجتاز القطار جسورًا شاهقة وأنفاقًا محفورة في الجبال، وسط مناظر طبيعية تأسر البصر، تشمل الوديان الجليدية، والقرى الصغيرة المغطاة بالثلوج، والمراعي الهادئة. النوافذ العريضة في العربات تتيح للمسافرين مشاهدة بانورامية لا مثيل لها، فيما يُعد من أجمل الرحلات القصيرة بالقطار في أوروبا.

قطار ترانس سيبيريا – روسيا

واحدة من أطول وأشهر رحلات القطار في العالم، تبدأ من موسكو وتنتهي في فلاديفوستوك على ساحل المحيط الهادئ، قاطعةً أكثر من 9000 كيلومتر. خلال الرحلة التي قد تستغرق 7 أيام أو أكثر، يمر القطار عبر غابات سيبيريا، وبحيرة بايكال، والسهول الممتدة بلا نهاية، والمناطق الريفية التي تحتفظ بجمالها البدائي. تجربة ترانس سيبيريا لا تتعلق بالمناظر وحدها، بل بمزيج الثقافات والأشخاص الذين يصعدون ويهبطون في المحطات المتعددة، ما يجعل من الرحلة تجربة ثقافية بقدر ما هي طبيعية.

قطار دارجيلينغ هيمالايا – الهند

يعرف هذا القطار باسم "اللعبة الصغيرة" (Toy Train)، ويُعد تحفة هندسية تعبر من سفوح الجبال إلى قممها في ولاية البنغال الغربية. يسير القطار على سكك ضيقة وسط منحدرات خضراء، مزارع شاي، وقمم ضبابية، في مشهد شاعري لا يُنسى. الرحلة بطيئة، لكنها تمنح المسافر وقتًا كافيًا للتأمل، ولا تزال تُحافظ على عرباتها العتيقة التي تعكس روح الزمن الكولونيالي البريطاني.

قطار الروكي ماونتنير – كندا

هذا القطار الفاخر يمر عبر جبال الروكي الكندية، مقدمًا واحدة من أجمل التجارب البرية في أمريكا الشمالية. يربط بين مدن مثل فانكوفر وكالجاري، ويقدم مقاعد زجاجية من الأعلى، مع خدمات راقية وطعام من المطبخ الكندي. تمر الرحلة على أنهار متجمدة، وغابات كثيفة، وقمم جبلية بيضاء، بينما تُمكن النوافذ العريضة الركاب من مشاهدة الدببة والغزلان والحياة البرية في موطنها الطبيعي.

قطار الغارف – البرتغال

يُعد هذا القطار من الرحلات القصيرة الخلابة التي تمر عبر منطقة الغارف الساحلية في جنوب البرتغال. ينطلق من مدينة لاجوس إلى فارو، مرورًا بقرى صغيرة، وخلجان رملية، وحقول زراعية، وأشجار زيتون وبرتقال، ما يمنح الرحلة طابعًا شاعريًا دافئًا، مثاليًا لعشاق البحر والهدوء. ورغم بساطة الرحلة، إلا أن ما تتيحه من مشاهد طبيعية ساحرة يجعلها من التجارب المحببة للمسافرين الباحثين عن الجمال في التفاصيل.

في النهاية، رحلات القطار لا تزال تحتفظ بمكانة خاصة في عالم السفر، حيث تُعيد تعريف المتعة بأنها ليست في الوصول، بل في الطريق نفسه. فكل رحلة على القضبان تتيح لحظة انسجام بين الإنسان والطبيعة، وتخلق فسحة للتأمل في عالم سريع الإيقاع. إنها تجربة بصرية وروحية، حيث يصير الزمن أكثر بطئًا، والمسافة أكثر امتلاءً بالجمال.