عندما تُذكر "الإبادة" كنتيجة "منطقيّة" للحرب - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
عندما تُذكر "الإبادة" كنتيجة "منطقيّة" للحرب - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 05:25 صباحاً

ايجي سبورت - وقف بنيامين نتنياهو وانحنى فوق مائدة العشاء ليسلّم دونالد ترامب رسالة ترشيحه لجائزة نوبل للسلام. يعرف ترامب أن ضيفه لا يريد أي نوع من السلام لكنه يرشحه للجائزة. ويعرف الرجلان أن ما بينهما من صداقة لا يخلو من التكاذب، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي أكثر العارفين بالقاعدة الرابحة والمتّبعة حالياً في الديبلوماسية الأميركية، وهي تُختصر بـ"دغدغ الأنا الترامبية"، وإذا لم تكسب كلّ ما تريده فإنك لن تخسر جلّه، لأنه مع ترامب لا مجال لليقين. غير أن الطرف الوحيد الرابح معه دائماً هو إسرائيل. تساءلت الصحف الأميركية "عما إذا كان الترشيح لنوبل من نتنياهو - المتهم بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية من جانب المحكمة الجنائية الدولية - يساعد فعلاً الرئيس" في سعيه الى الجائزة.

المفارقة أنه لم يكن في أحاديث ترامب وضيفه أي أثر لأي سلام، بل بحث عن "تفاهمات حول غزّة والإقليم... وما بعد الإقليم" بحسب تعبير نتنياهو. وبرغم المكافآت الأميركية الضخمة لإسرائيل على ما أنجزته في الحرب على إيران، والاستثمارات الجديدة بمليارات الدولارات لتطوير البنية التحتية لجيشها، لم يستطع ترامب انتزاع موافقة "صديقه" على فكرة "إنهاء الحرب في غزّة". كان الرئيس الأميركي يفضّل هدنة دائمة واستعادة لجميع الرهائن، لأن وقف إطلاق النار لمدة 60 يوماً وصفقة جزئية لتبادل الأسرى أصبحا تكتيكاً إسرائيلياً لمواصلة الحرب. وحتى "الضمان" الذي وفّره ترامب لتمديد الهدنة والتفاوض على إنهاء الحرب سيبقى غير علني لأن الجانب الأميركي يعلم مسبقاً أن الإسرائيليين لن يحترموه. 

قبل ذلك، كان ترامب قد تدخّل عملياً في القضاء الإسرائيلي طالباً إلغاء محاكمة نتنياهو في قضايا الفساد. صحيحٌ أنه لم يخلّصه كلّياً من الملاحقة، إلا أنه قوّض القضية في لحظة حاسمة وأنقذ مستقبله السياسي، لكن نتنياهو ظلّ متمسكاً عقائدياً بائتلافه الحكومي، وبالأهداف التي حدّدها لمستقبل غزة: احتلال، تجويع، تهجير، إبادة جماعية... ولا يزال اتفاق الهدنة عالقاً في مفاوضات الدوحة بسبب تعنّت إسرائيلي متوقّع في بند الانسحابات، إذ إن جيش الاحتلال منتشر في كل القطاع وأخلى نسبة كبيرة من المناطق من سكانها ليجمعهم في "غيتو رفح" (كما بات كتاب إسرائيليون يصفونه، تذكيراً بـ"غيتوات" النازيين لليهود).

برغم أجواء التوافق، كان نتنياهو مستاءً لأن ترامب لم يجدّد علناً تأييده لمشروع تهجير سكان القطاع، وأشارت مصادره إلى أنه كرّر طرحه وقدّمه بصيغة "منح الناس (الغزّيين) حق الاختيار الحرّ في البقاء أو المغادرة"، مذكّراً بأن واشنطن وعدت بالتدخّل لدى دول كانت قد أبدت استعداداً لاستيعاب أعداد من الغزيين. وأورد موقع "والا" العبري أن الإسرائيليين يعتقدون أن تحوّلاً حصل في موقف ترامب بعد زيارته السعودية وتوقيع الاتفاقات معها.

 

ثم إنه يفكّر أيضاً في "الاتفاقات الإبراهيمية" ويرى أن توسيعها يتطلّب إنهاء حرب غزّة، لكن نتنياهو يريد الحرب والتطبيع معاً ويردّد أنه وترامب يؤمنان بـ"السلام من خلال القوة". ولم يُسمع هذا المصطلح من ترامب خلال زيارة نتنياهو، كم أنه لم يكرر الحديث عن "النصر الكبير" (على إيران) كما فعل ضيفه. 
واضحٌ بالنسبة إلى المراقبين أن نتنياهو استطاع استدراج واشنطن إلى ما يريده من حربه على غزّة، فما يسمى "اليوم التالي" عنده هو الخيام في رفح... قبل الترحيل. وليس لدى واشنطن وعواصم الغرب تصوّر آخر قابل للتحقيق، ولم تولِ ما يكفي من جدية وتصميم في دعم الخطة المصرية العربية للتعمير من دون تهجير في غزّة، إذ ظلّ هاجس الجميع إنهاء وجود "حماس" وحكمها في القطاع، لكن الخيار الانتحاري لـ"حماس" سهّل لإسرائيل خيار "الإبادة" الذي بات يُذكر كأنه مجرد نتيجة "منطقية" للحرب.

 


هل هناك خلاف فعلاً بين ترامب ونتنياهو؟ ربما بالنسبة إلى إيران، وليس في شأن غزّة التي سبق للرئيس الأميركي أن اعتبرها "منتهية". فهو يميل إلى مسار ديبلوماسي مع طهران، معتمداً على نتائج حرب الـ12 يوماً وإن لم تؤدِّ إلى "استسلام" إيران كما أراد، وملوّحاً من جهة أخرى بـ"العصا الإسرائيلية" عند الضرورة. لا بدّ من أن تختلف المقاربتان الأميركية والإسرائيلية لإيران ومنطقة الشرق الأوسط والخليج، فالحرب الأخيرة كانت ولا تزال مقلقة للخليج حيث تبلورت مصالح لأميركا- ترامب، مقدار ما كانت مرفوضة من جانب تيارات مؤيدة لترامب في الداخل. في المقابل، باتت طهران تخيّر واشنطن بين مفاوضات يمكن أن تفضي إلى اتفاق "زائداً استثمارات" وحرب تعطّل كل تفاوض، لكن ترامب منح إسرائيل إمكان مهاجمة إيران من دون ضوء أخضر أميركي. هذا يعني أنه يستبعد جائزة نوبل للسلام حتى قبل أن يكون له حظ في نيلها.   

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق