ايجي سبورت - في ظل ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف، تزداد التحذيرات من احتمالية اندلاع حرائق مفاجئة سواء في المنازل أو المنشآت العامة والخاصة.
لكن ما لا يدركه كثيرون هو أن الحرارة وحدها ليست السبب الحقيقي، بل مجرد "كاشف للخلل" الداخلي الذي يتراكم على مدى شهور أو سنوات.

هذا ما أكده اللواء أيمن سيد الأهل، مستشار وخبير الحماية المدنية وتأمين المنشآت، خلال تصريحاته الخاصة لـ"الصحيفة"، حيث أوضح أن "الارتفاع الحراري لا يُشعل النيران من تلقاء نفسه، بل يُظهر نقاط الضعف في البنية الكهربائية وسوء الاستخدام داخل المباني."

الحرارة ليست القاتل... بل العشوائية الداخلية

أشار اللواء أيمن الأهل إلى أن معظم الحرائق التي شهدناها في الأشهر الأخيرة، خاصة في المناطق السكنية وبعض المؤسسات الخدمية، تعود إلى:

خلل داخلي في الشبكات الكهربائية

تراكم الأحمال على التوصيلات

غياب الصيانة الدورية للأجهزة واللوحات

سوء استخدام الكهرباء وتشغيل أجهزة دون مراعاة للطاقة الاستيعابية

وأضاف: "الكثيرون يربطون الحرائق بارتفاع الحرارة، لكن الحقيقة أن ذلك الارتفاع يفضح فقط ما بداخل الجدران من خلل كهربائي."

حوادث واقعية تكشف الإهمال الصامت

وفي سياق متصل، كشفت تقارير الحماية المدنية أن غالبية الحرائق التي اندلعت في منشآت حكومية، وأسواق تجارية، وحتى منازل بسيطة، خلال موجات الحر الشديدة، نتجت عن:

تشغيل عدد من التكييفات دون فاصل زمني

توصيل شواحن وأجهزة متعددة في مصدر واحد

تمرير أسلاك رديئة الصنع دون مراجعة دورية

جدير بالذكر أن إحدى الدراسات الصادرة عن المركز القومي للبحوث، أكدت أن 35% من الحرائق في مصر صيفًا سببها كهربائي بحت، مقابل 12% فقط بسبب مصادر حرارة خارجية مثل الشمس أو اللهب المباشر.

كيف نحمي بيوتنا ومؤسساتنا؟.. خارطة طريق للوقاية

للحد من هذه الكوارث، يوصي خبراء الحماية المدنية باتباع عدد من الإجراءات الوقائية الفعالة:

1. إجراء فحص دوري شامل للشبكة الكهربائية من قِبل فنيين معتمدين.

2. عدم توصيل أكثر من جهاز قوي في نفس الوقت على مفتاح واحد أو فيش واحد.

3. تركيب قواطع كهربائية (أوتوماتيك) ذات جودة عالية تفصل التيار فورًا عند الخلل.

4. منع وضع المفاتيح والأسلاك خلف المفروشات أو الستائر، لأنها تعزل الحرارة وتزيد الاشتعال.

5. فصل جميع الأجهزة الكهربائية غير الضرورية قبل النوم أو عند مغادرة المكان.

6. وضع طفاية حريق في كل منشأة وكل منزل، مع معرفة طريقة استخدامها.

أطلقت وزارة التنمية المحلية ووزارة الكهرباء بالتنسيق مع الحماية المدنية عددًا من الحملات للتفتيش على المباني الحكومية والخاصة للتأكد من سلامة الشبكات.
كما تم تعميم نشرات توعوية في المدارس والنوادي والمؤسسات الدينية حول كيفية تفادي الكوارث الكهربائية.
وتقوم الأجهزة المعنية الآن بإعداد كود موحد لمواصفات الأمان الكهربائي في البنايات قيد الإنشاء.

الوقاية من الحرائق ليست مسؤولية الدولة وحدها، بل هي ثقافة مجتمعية تبدأ من داخل كل بيت وكل مكتب وكل مؤسسة.
فالنار لا تفرق بين كبير وصغير، وأي إهمال بسيط قد يتحول إلى كارثة تبتلع الأرواح والممتلكات في لحظات.
لذا، آن الأوان أن نعيد النظر في "كهرباء بيوتنا" قبل أن يتحول "الصيف الساخن" إلى "جحيم مشتعل".