نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
صراع الدبيبة وخصومه يقلق طرابلس: تثبيت للتهدئة أم حسم عسكري؟ - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 08:55 صباحاً
ايجي سبورت - مع ارتفاع صوت طبول الحرب، تقف العاصمة الليبية مستنفرة على مدى أكثر من شهر، وسط سباق محموم بين مفاوضات التهدئة والاستعدادات للحسم العسكري.
ومنذ الصدامات الأكثر دموية في قلب طرابلس، منتصف أيار / مايو الماضي، بين القوات الموالية لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، والميليشيات المناوئة له، وفي القلب منهم "جهاز الردع"، تتوافد على المدينة من كل حد وصوب حشود عسكرية تحمل كافة صنوف الأسلحة الثقيلة، فيما لم يترك الدبيبة فرصة إلا ولوّح بالعودة للصدام العسكري، متمسكاً بتسليم "الردع" مقره الرئيسي في مطار معيتيقة الدولي، ما طرح تساؤلات عن الأهمية الاستراتيجية للموقع ضمن لعبة التوازنات في المنطقة الغربية.
طرابلس (مواقع)
وأمام المخاوف العارمة من اشتعال الحرب مجدداً، حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي من التصعيد، ولوحت البعثة الأممية في بيان لها بعقوبات ضد من يشعل فتيل الصدام مجدداً، في وقت علمت "النهار" أن ضغوطاً من عواصم غربية نافذة على رأسها أنقرة تقف حائلاً حتى الآن أمام تحرك القوى الموالية للدبيبة ضد "الردع". وكشف مصدر ديبلوماسي أن وكيل وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية عبدالسلام زوبي، فشل خلال زيارته تركيا، الخميس الماضي، في الحصول على دعمها رغم توقيعه مذكرة تعاون عسكري جديدة مع نظيره التركي بعد لقائه وزير الدفاع يشار غولر.
ومنذ إغلاق مطار طرابلس الدولي بسبب تعرضه لأضرار نتيجة الحرب الأهلية في عام 2014، بات مطار معيتيقة، الذي بناه الإيطاليون في عام 1923 خلال فترة احتلالهم لليبيا، هو المطار الدولي الوحيد الذي يخدم العاصمة الليبية.
ويضم المطار ميناء تجارياً، هو المسؤول عن حركة الواردات والصادرات، لكن المنفذ تحوم حوله الشبهات بشأن عمليات تهريب واسعة النطاق تجري من خلاله. كما يشمل قاعدة جوية كانت استخدمتها القوات الجوية الألمانية ومن بعدها الأميركية خلال الحرب العالمية الثانية، لكنّ قوات أجنبية تتمركز الآن داخلها، على رأسها تركية وإيطالية بالإضافة الى مستشارين أميركيين.
وقاعدة معيتيقة، أكثر من مجرد قاعدة عسكرية ومطار يمثل الشريان الجوي الوحيد في طرابلس، وفق المحلل السياسي الليبي إسلام الحاجي الذي يشير لـ"النهار" إلى "تموضعها في قلب العاصمة وبالقرب من مقرات مؤسسات سيادية كالمجلس الرئاسي ووزارة الداخلية والمؤسسة الوطنية للنفط. وتحوي منشآت عسكرية ضخمة تحت الأرض وغرف عمليات، وتمثل مركزاً أساسياً للرصد الجوي والتدخل السريع. كما يوجد بداخلها سجن مركزي هو الأكبر في ليبيا ويقبع فيه عدد كبير من القيادات الإرهابية والإجرامية"، لافتاً إلى أن معيتيقة تمثل "نقطة رئيسية لجهاز الردع وترمز إلى التوازن الأمني في العاصمة، وسيطرة الدبيبة عليها ستعني إعادة صياغة أمنية للسلطة"، مضيفاً: "لا يجب أن ننسى الوجود التركي داخلها منذ توقيع مذكرات التفاهم العسكري والأمني العام 2019. فالقاعدة تمثل لأنقرة نقطة حيوية على المستوى الإقليمي وأي مواجهة ستحدث ستُمثل إحراجاً لها".
وفي هذه الأثناء يعيش سكان طرابلس في "حالة من التوتر والاضطراب بسبب عدم الاستقرار. ويتوقعون بين لحظة وأخرى الدخول في أتون حرب في عمق مدينتهم المكتظة بالسكان، حتى أن البعض يفكر في الانتقال من المدينة لحين عودة الاستقرار"، وفق الحاجي. ورغم أنه يُرجح "صمود التهدئة على المدى القصير لأن الطرفين يتحاشيان إطلاق الشرارة الأولى للمواجهة المباشرة"، لكنه يحذر من أن الوضع "قابل للانفجار في أي لحظة مع أي حادث أمني بسيط".
ويوضح أن العاصمة الليبية تشهد تموضعات عسكرية متنافسة بين الكتائب المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة وأغلبها تتبع مدينة مصراتة، و"جهاز الردع" بقيادة عبد الرؤوف كارة، الأكثر تنظيماً داخل طرابلس ولدية قوة لا يستهان بها، بعد تصفية "جهاز دعم الاستقرار"، في أيار الماضي، كما أنه يحتفظ بالسيطرة على مواقع حساسة على رأسها معيتيقة، وامتدادات أمنية في مناطق حيوية. ويسجل كذلك ارتفاع وتيرة التسليح والتحشيد العسكري المتبادل، هذه الأيام، لكن الدبيبة من جهة يخشى الدخول في مواجهة خسارتها قد تنعكس على مستقبل بقاء حكومته، كما يتحسب دخول "الجيش الوطني" على خط الصراع في حال سنحت له الظروف، وبالمثل "الردع" يخشى هو الآخر من احتمالات هزيمته وبالتالي القضاء على وجوده داخل العاصمة.
أما المستشار العسكري والاستراتيجي العميد عادل عبد الكافي فيؤكد على تمسك حكومة الوحدة الوطنية باستراتيجية تفكيك التشكيلات المسلحة والميليشيات لفرض سيطرتها على العاصمة، مشيراً إلى أن من ضمن هذه الاستراتيجية أن تكون جميع المنافذ البحرية والجوية تحت سيطرتها وأن تُدار من خلال أجهزتها، وكذلك استلام جميع المقرات الأمنية داخل العاصمة وإخراج جميع التشكيلات المسلحة وإعادة تموضعها داخل مقرات خارج طرابلس تحت سيطرة وزارتي الداخلية والدفاع.
لكن عبد الكافي يعول على "نجاح الوسطاء في تنفيذ الخطوة بسلام من دون حصول مواجهة". ويوضح لـ"النهار" أن المجلس الرئاسي أنشأ عدداً من اللجان المعنية بالوضع الأمني تعمل على مقترحات وهناك استجابة لترسيخ الاستقرار. كما يؤكد على دور تركيا في تجنب اشتعال الصراع لأن لديها مصالح وارتباطات تسعى للحفاظ عليها.
وإذ يعتبر المحلل السياسي الليبي حمد عز الدين أن هدف الحشود التي تصل إلى طرابلس من القوى الموالية للدبيبة إرسال رسائل إلى الخارج "كونه قادراً على حسم المعركة ليكون المسيطر الوحيد على المشهد في العاصمة الليبية"، يؤكد لـ"النهار" أن التحذيرات الدولية "تمنعه من تنفيذ عملية عسكرية للتخلص من الردع الذي يحظى بحاضنة شعبية ضخمة. هناك أطراف دولية خصوصاً تركيا وأميركا ترفض حصول خلل في توازنات القوى داخل العاصمة لمصلحة الدبيبة، ما يمنحه أوراق قوة خلال مفاوضات التسوية السياسية".
0 تعليق