نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"النهار" ترصد هجمات "فتيان التلال" في قرية المغيّر: تصعيد إسرائيلي ممنهج لتهجير السكان - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 09:24 صباحاً
ايجي سبورت -
ليلة الثاني من حزيران / يونيو الماضي، هاجم مستوطن ملثم خيمة رزق أبو نعيم في عزبة أبو همام في قرية المغيّر شمالي مدينة رام الله، فاستيقظت فاطمة زوجة ابنه وهي أم لخمسة أولاد لتجد مستوطناً فوق رأسها هي وطفلتها البالغة من العمر عامين وكانت نائمة في حضنها، يحمل خنجراً فوق رأسها، فحملت ابنتها وهربت خوفاً. هاجم المستوطن في تلك الليلة ناشطاً وهو نائم، وضربه على بطنه وقام بسرقة هواتفه ثم لاذ بالفرار.
لا تنتهي القصة هنا. فقد قام مستوطن ممن باتوا يعرفون بـ"فتيان التلال" بالاعتداء على نساء العائلة أثناء محاولتهن المرور عبر أراضيهن، وقام بالابلاغ عن فاطمة التي قاومته فاعتقلتها الشرطة الإسرائيلية، وتم نقلها فوراً إلى مركز التحقيق في لواء بنيامين بتهمة ضرب المستوطن والاعتداء على ممتلكاته وسرقة خروفه. وتم التحقيق معها وفقاً للاتهامات الواردة في البلاغ الكيدي، إلى أن حضرت محاميتها وكشفت فيديو صوّره أجانب ويظهر قيام المستوطن بضرب النساء، فأطلقت الشرطة الإسرائيلية سراحها عند الساعة الثانية والنصف بعد منتصف الليل، وتركتها في الشارع الرئيسي المؤدي إلى المستوطنة وحيدة خائفة تصارع طريق عودتها إلى بيتها.
فاطمة أكدت لـ"النهار" أنهم يتعرضون يومياً لهجمات المستوطنين الذين يقتحمون خيمتهم ويقومون برمي المواد التموينية من الثلاجة وسرقة خزان المياه ومحوّل الكهرباء، وأخيراً سرقوا جهاز لابتوب والكاميرات أيضاً.
فضة ابنة فاطمة البالغة من العمر عشرة أعوام قالت: "كنا في البداية نخاف، أما اليوم فنحن لم نعد نخاف. تعودنا ولم نعد نخشاهم".
وفي مكان غير بعيد عن العزبة، يقع سهل المغيّر والذي يعرف بـ"مرج سيع" حيث تعرض كايد أبو عليا (37 عاماً) قبل شهر ونصف لاعتداء وحشي من 6 مستوطنين، وصلوا إلى السهل عند الساعة السادسة صباحاً.
كان كايد يرعى قطيعاً من 80 خروفاً، عندما اقتربت السيارة المسرعة وترجل المستوطنون حاملين هراوات وشاكوشاً وانهالوا عليه بالضرب بطريقة وحشية، ولم يتركوه إلا عندما سقط أرضاً وأغمي عليه. في حينه، اعتقدوا أنه مات لكن جاره وجده ونقله بسيارته إلى عيادة القرية حيث أجريت له 37 غرزة لتضميد رأسه.
قال كايد وهو لا يزال تحت تأثير الصدمة، إنه يشعر بإهانة كبيرة جراء تعرضه للضرب من المستوطنين.
وقال جاره سعيد أبو العباس: "نحن كفلاحين لا نستطيع أن نترك أراضينا بهذا الشكل. بالرغم من كل الخطر المحدق لا نزال نداوم على زراعتها والاهتمام بها فهي كل ما نملك ومصدر دخلنا الوحيد. نحن بحاجة لمعجزة لنخرج من هذه الحرب التي فرضت علينا. في الوقت الذي لا يهتم أحد من المسؤولين بنا أو باحتياجاتنا".
سباق مع الزمن
رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الوزير مؤيد شعبان قال لـ"النهار" إن عدد الاعتداءات الإسرائيلية خلال النصف الأول من عام 2025 وصل إلى 11,280 اعتداء، في مختلف المناطق الفلسطينية، موضحاً أن هذا الارتفاع الكبير في حجم الاعتداءات جاء متزامناً مع العدوان المستمر في قطاع غزة وكافة أماكن وجوده.
وأشار إلى أن الاعتداءات تنوعت بين فرض وقائع على الأرض تشمل الاستيلاء على الأراضي وتوسيع المستوطنات وعمليات تهجير قسري، بالإضافة إلى عمليات إعدام ميدانية، وتخريب وتجريف الأراضي، واقتلاع آلاف الأشجار، والاستيلاء على الممتلكات، إضافة إلى الإغلاقات والحواجز التي تقطع الروابط الجغرافية الفلسطينية.
وبيّن شعبان أن الاعتداءات تركزت في عدة محافظات، حيث سجلت محافظة رام الله العدد الأعلى مع 1,975 حالة، والخليل بـ1918 اعتداء، ثم نابلس بـ1784 اعتداءً.
كما كشف عن الاستيلاء على أكثر من 800 دونم من الأراضي الفلسطينية، وإقامة 23 بؤرة استيطانية جديدة، إلى جانب تنفيذ 2153 اعتداء من قبل المستوطنين تسبب بعضها بمقتل 6 مواطنين، وهدم 588 منشأة فلسطينية، ما أثر على حياة 843 مواطناً بينهم 411 طفلاً.
وأكد شعبان أن تزايد الانتهاكات يعكس السياسة الاحتلالية التوسعية التي تستهدف الأرض والإنسان الفلسطيني في كل مكان.
هندسة الجغرافيا السكانية
يذكر أن الهجمة الاستيطانية والانتهاكات المرتكبة من المستوطنين في الضفة الغربية تمارسها مجموعات المستوطنين، بمساندة وحماية من الجيش الإسرائيلي، ضد المدنيين الفلسطينيين في القرى والتجمعات السكانية، وسط تكرار حالات الاعتداء الجسدي المباشر، بما في ذلك الضرب العنيف ورشّ الغاز السام على الوجوه، إلى إطلاق النار، الأمر الذي أوقع شهداء وأدى إلى إصابات بالغة كما حدث في كفر مالك وسنجل والمزرعة الشرقية.
وسُجلت أيضاً اعتداءات منظمة تهدف إلى الاستيلاء على الأراضي، تمثلت في نصب خيم متنقلة، وكرفانات، وخزانات فى أراضي الفلسطينيين، وتوسيع بؤر إستيطانية قائمة، ما يؤكد النية المسبقة لفرض واقع تهجيري دائم.
في السياق ذاته، تكرر حرق ممتلكات الفلسطينيين منازلهم أو مركباتهم أو منشآتهم الزراعية، في محاولة لبث الرعب ودفعهم إلى الرحيل.
كما أقدمت مجموعات المستوطنين على تجريف مساحات واسعة من الأراضي الزراعية، وقلع الأشجار، وسرقة محاصيل القمح والزيتون، بالتوازي مع إدخال أبقارهم وأغنامهم إلى حقول الفلسطينيين بشكل متعمد وهو ما يعرف بالاستيطان الرعوي، لإتلاف المزروعات وإلحاق الأذى بمصدر رزق السكان.
كذلك تم توثيق ممارسات تهدف إلى خنق القرى والتجمعات من خلال إغلاق المداخل الرئيسية بواسطة السواتر الترابية أو بوابات الحديد، ما أعاق حركة التنقل ووصول الفلسطينيين إلى أراضيهم ومراكز الخدمات، في سياق يهدف إلى تفريغ هذه المناطق من سكانها الأصليين عبر الضغط اليومي على كل مناحي حياتهم.
وما يميز هذا التصعيد هو أن المستوطنين باتوا يتحركون كميليشيات منظمة مدججة بالسلاح وهم يعرفون بـ"فتيان التلال"، أحياناً بلباس عسكري، أو مقنعين بلباس مدني وتحت غطاء مباشر من الجيش الاسرائيلي. وهذا النمط من الهجمات المنسقة يعزز من الاقتناع بأن ما يجري ليس اعتداءات عشوائية، بل سياسة ممنهجة تسعى إلى تهجير السكان الفلسطينيين وإعادة هندسة الجغرافيا السكانية والديموغرافية في الضفة الغربية.
0 تعليق