نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
محاكمة "شيخ الجهاديين" في تونس: بين تجفيف منابع الإرهاب والمخاوف من موجة جديدة - ايجي سبورت, اليوم الخميس 17 يوليو 2025 05:49 صباحاً
ايجي سبورت - في حكم أعاد الجدل بشأن ملف الإرهاب في تونس، قضت محكمة تونسية بالسجن على الخطيب الإدريسي، زعيم التيار السلفي المتشدد الملقّب بـ"الأب الروحي للسلفيين".
وصدر حكم بالسجن لمدة 22 عاماً بحق الإدريسي، بتهم تتعلق بالتحريض على السفر إلى سوريا، وإلقاء خطب تحثّ على الجهاد، والانضمام إلى تنظيمات إرهابية.
وكانت السلطات القضائية قد أذنت، في أيار/مايو 2023، بإيقاف الإدريسي في محافظة سيدي بوزيد، مهد الثورة التونسية، وذلك على خلفية شكاوى تقدّمت بها عائلات اتهمته بتشجيع أبنائها على الالتحاق ببؤر التوتر.
شيخ السلفيين
يُعدّ الخطيب الإدريسي من مؤسّسي تيار "أنصار الشريعة" المحظور، وذلك إثر لقاءات جمعته بالقيادي الإرهابي أبو عياض، السجين السابق في غوانتانامو.
وتُوجَّه إليه اتهامات بإصدار فتاوى تُشرّع تنفيذ عمليات إرهابية استهدفت عناصر أمن ومدنيين، من بينهم سيّاح. ويُروّج أنه يتمتع بنفوذ واسع ضمن التيارات المتشددة في المنطقة، وعلى امتداد القارة الأفريقية. وكان قد سُجن قبل عام 2011 لمدّة عامين على خلفيّة قضايا إرهابية.
رمزية كبيرة
يرى جزء من الطبقة السياسية والقضائية أن الحكم على الإدريسي، الذي لاقى ترحيباً واسعاً من عائلات المتضرّرين، يُشكّل نقلة نوعية في سياسة الدولة.
وبحسب هؤلاء، فإن إدانة الإدريسي، الذي كان يحظى بدعم من أطراف إسلامية بعد عام 2011، تُعدّ رسالة واضحة تُبرز توجّه الدولة نحو تجفيف منابع التطرف، وإغلاق ملف التسفير.
ويقول المحلل السياسي بسام حمدي، في تصريح لـ"النهار"، إن تونس دخلت "الطور الثاني" في حربها ضد الإرهاب. ويوضح بأن الطور الأول كان أمنياً بحتاً، أما اليوم فقد انتقل البلد إلى المعالجة القضائية، من خلال إصدار أحكام بحق شخصيات كانت حتى وقت قريب محصّنة ومدعومة سياسياً.
ويضيف أن "هذا الحكم يؤكّد رفع الغطاء السياسي عن مثل هذه القضايا، ويبرهن أننا أمام سلطة تحاكم، ولا تتسامح مع من تسبّب بإراقة الدماء".
هل طُويت الصفحة؟
رغم أهمية الحكم، فإن ذلك لا يعني، وفق محللين، أن تونس قد طوت صفحة الإرهاب.
ويؤكد حمدي أن القضاء على الظاهرة لا يتحقق فقط بالملاحقة الأمنية، بل يحتاج إلى إحياء دور المؤسسات التربوية والدينية، ولا سيما المساجد والكتاتيب، في نشر الفكر المعتدل.
من جهته، كتب أستاذ الجامعة التونسية المتخصص في الجماعات الإرهابية عبيد الخليفي، مؤكّداً أن ملف التسفير ذو طابع إقليمي ودولي، ولا يمكن أن يُحلّ عبر القضاء وحده.
ورأى أن الإدريسي وغيره من رموز الحركات الإسلامية في تونس ومصر وليبيا ليسوا سوى أدوات ضمن مشروع تسفير أوسع، قام على صفقات ومقايضات مع قوى إقليمية ودولية.
وقدّر الخليفي وجود رغبة سياسية وأمنية في تونس لإغلاق هذا الملف عبر تسريع المحاكمات، في الوقت الذي حذّر فيه من أن "السياق الإقليمي" الراهن قد يدفع إلى طيّ الملف من دون التعمّق في أسبابه الوظيفية، المرتبطة بما بعد ثورات الربيع العربي.
وشدد على أن "التعجيل بالحسم القضائي من دون فهم شامل لملف الجهاديين، خصوصاً التسفير، لن يوفّر حصانة حقيقية من خطر تلك الجماعات".
وحذّر من مغبة تجاهل ما حدث في سوريا، حيث تحوّلت جماعات مثل "طالبان" و"جبهة النصرة" إلى أدوات سياسية إقليمية، بعدما أعيد تأهيلها واعتمادها من قوى دولية، في مقدّمها الولايات المتحدة.
في المقابل، يُقلّل العميد السابق والمحلل السياسي خليفة الشيباني، في تصريح لـ"النهار"، من خطر عودة التيار السلفي في تونس، مؤكداً أن الدولة نجحت بدرجة كبيرة في تجفيف منابع الإرهاب، بفضل وجود إرادة سياسية واضحة، رفعت الغطاء عن المتورّطين، وأعلنت الحرب على رموز التطرّف.
0 تعليق