نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
"العثمانية الجديدة جداً": نسخة أردوغان المعدّلة من مشروع قديم - ايجي سبورت, اليوم الاثنين 14 يوليو 2025 07:03 صباحاً
ايجي سبورت - بعد غياب لأكثر من 5 سنوات، أعاد الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان أيديولوجيا "العثمانية الجديدة" إلى الخطاب السياسي التركي، عبر بوابة "الأخوة التركية-العربية-الكردية" وفق تسميته.
يوم السبت الماضي، خصّ أردوغان جزءاً كبيراً من خطابه للحديث عن عملية السلام الجديدة، لكن أكثر ما لفت انتباه المحللين الأتراك إشارته المتكررة إلى ضرورة إنشاء تحالف تركي-كردي-عربي، مدعماً هذا الطرح بأمثلة تاريخية.
دعوة ثلاثية من أردوغان: تحالف تركي - كردي - عربي
مهّد الإعلام التركي لخطاب أردوغان الأخير بحملة واسعة وصفت الحدث بالتاريخي "الذي سيتضمّن المفاجآت"، مما رفع سقف التوقعات لدى الرأي العام، لناحية شموله على إعلان عفو سياسي عام، والبدء بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وإعادة رؤساء البلديات التابعة للمعارضة المُقالين من مناصبهم بعد تعيين أوصياء (قيّمين) بدلاً عنهم.
لكن، وبدلاً من ذلك، شدّد أردوغان في خطابه على ضرورة التحالف الثلاثي التركي-الكردي-العربي، وهي فكرة تم التركيز عليها بشكل كبير في وسائل الإعلام التابعة أو المؤيدة للسلطة خلال اليومين الماضيين.
وقال أردوغان: "إذا كان التركي، الكردي، والعربي موحدين ومتضامنين، فحينها فقط توجد هوية لكل منهم. أما إذا تفرّقوا وتباعدوا، فالمآل هو الهزيمة والألم."
وركز الرئيس التركي على "الهوية الإسلامية المشتركة" للتحالف المفترض، مستحضراً روح المعارك التاريخية مثل "ملاذكرد"، "فتح القدس"، "فتح إسطنبول"، "معركة جناق قلعة"، و"حرب الاستقلال"، في خطاب أعاد إلى الأذهان تصريحات السفير الأميركي في أنقرة ومبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سوريا، توم براك، الذي امتدح مؤخراً ما وصفه بـ"نظام الملل العثماني".
كما ذكّر أردوغان بروايات "ألف ليلة وليلة"، وأن القدس فُتحت بقيادة صلاح الدين الأيوبي بمشاركة ترك وكرد وعرب، وقال: "دمشق مدينتنا المشتركة. ديار بكر مدينتنا المشتركة. الموصل، ماردين، كركوك، السليمانية، أربيل، حلب، أنقرة، إسطنبول، كلها مدننا المشتركة".
مقارنة مع الاستراتيجية الخارجية التي اتّبعتها أنقرة في العقد الماضي، والتي عُرفت بـ"العثمانية الجديدة"، فقد بات الإعلام التركي يسمّي طرح أردوغان في خطابه الأخير بـ"العثمانية الجديدة جداً".
يقول الكاتب السياسي التركي روشان جاكير إن "أردوغان يحاول إعادة إحياء تحالف تركي-كردي-عربي من خلال الرجوع إلى التاريخ البعيد، حتى وإن سلّمنا بصحة قراءته التاريخية، فإن التاريخ القريب بين هذه المكونات لم يكن تحالفاً بل صراعات وعداوات".
ويشير جاكير إلى أن "الكرد واجهوا اضطهادات من قبل الأتراك (في تركيا) ومن العرب (في سوريا والعراق)، والعرب ما زالوا يحتفظون بمرارة ذاكرة الحكم العثماني، والأتراك من جهتهم يحملون امتعاضاً من الكرد والعرب على حد سواء".
المشروع سيثير قلق إيران والخليج
الرئيس التركي أنهى خطابه برسالة بدا ظاهرها لحزب العمال الكردستاني حينما قال: "من يبحث عن مخرج، نفتح له الأبواب على مصراعيها. أما من يسبح عكس التيار، فسنقوم بما يلزم ضده".
ورغم أن التجارب السابقة – مثل مسار أوسلو و"عملية الحل" – انتهت بانفجارات دموية، إلا أن الوضع الآن بات مختلفاً، فاليد العسكرية والسياسية التركية باتت أقوى من أي وقت مضى، كما أن المشهد الرمزي لحرق مجموعة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني لأسلحتهم بوجود مراقبين دوليين هو تحوّل نفسي – سياسي كبير.
وهذا التحوّل هو جوهر رسالة أردوغان الخارجية، وهو الذي يأمل في حال نجاح مسار السلام مع الأكراد، بتمكين التحالف الثلاثي لتتجاوز تداعياته حدود تركيا، ممتدة إلى الشرق الأوسط وما بعده.
رغم ذلك، هناك جملة من العوائق، التي تنذر بأن عقيدة "العثمانية الجديدة جداً" قد تلقى نفس مصير "العثمانية الجديدة" لناحية الفشل وإعادة أنقرة إلى العزلة الإقليمية بدلاً من توسيع حدود نفوذها.
فشعوب التحالف الثلاثي، الذي يريد أردوغان صبغها "بالهوية الإسلامية الموحّدة"، ليست كلها مسلمة، وحتى بين المسلمين يوجد تنوع كبير بين سنّة، وشيعة، وعلويين، ناهيك عن تزايد انجذاب الأجيال الجديدة لنمط الحياة العلماني.
خارجياً، قد يثير مشروع أردوغان الجديد استياءً خليجياً-إيرانياً، ويُترجم على أنه طرح جديد لتكريس هيمنة إقليمية، خصوصاً بالنسبة لطهران التي تنظر إلى أي مشروع قد يقوّي تركيا كتهديد استراتيجي مباشر لها.
فيما يذهب بعض الأتراك إلى أبعد من ذلك، مركّزين على إسرائيل، التي باتت بدعم إدارة ترامب، القوة المهيمنة الجديدة في المنطقة. ومع الأخذ بعين الاعتبار توتّر العلاقات السياسية بين أنقرة وتل أبيب، فإن الأخيرة لن تقف متفرّجة على مسعى تركي لبناء تحالف إقليمي يهمّشها.
كلّفت مغامرة "العثمانية الجديدة" أنقرة سابقاً ثمناً باهظاً، ويُحذّر تشاكير من أن ثمن "العثمانية الجديدة جداً" سيكون أكبر ، داعياً أنقرة "إلى عدم الانخراط في مغامرات خارجية، وإنما التركيز على تحقيق السلام الداخلي بين الأتراك والكرد داخل حدودها، وهو الهدف الأكثر واقعية وعقلانية في هذه المرحلة".
تحالف "الشعب – ديم"
أما في الداخل، فقد كشف أردوغان عن تحالف سياسي شبيه بالتحالف الخارجي، ممّهداً الطريق لانضمام حزب "ديم" الموالي للكرد إلى "تحالف الشعب" الحاكم، والمكوّن من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية.
وقال أردوغان: "أقولها بوضوح: في تحالف الشعب ومع ديم سنتحمّل هذا المسار ونمضي فيه"، وفي جملة أخرى: "اتفقنا نحن الثلاثة – العدالة والتنمية، الحركة القومية، وديم – على أن نسلك هذا الطريق معاً".
هذه التصريحات أثارت تساؤلات عمّا إذا كانت خطة أردوغان في الداخل هي التوصل إلى التفاهم العثماني-التركي-الكردي في الداخل، والذهاب إلى صياغة دستور جديد، كإطار قانوني حتمي للحل السياسي للقضية الكردية. هذا الثلاثي السياسي قد يفتح الباب أمام سيناريو انتخابات مبكرة تنتهي بفوز أردوغان بولاية رئاسية جديدة، في حال صوّت ناخبو "ديم" لصالحه.
وردّاً على هذا السيناريو، حاولت القيادية في حزب "ديم" بروين بولدان احتواء الجدل قائلة إن هذا التعاون "يقتصر فقط على مسار العملية الحالية"، ولا يتعدّاه إلى شراكة سياسية مستقبلية.
وفي حملة سياسية مضادة وسريعة، قال زعيم حزب "الشعب الجمهوري" المعارض أوزغور أوزيل: "لا تظنوا أن الأكراد بلا مبدأ. الأكراد ليسوا كما يظنّهم أردوغان. اتُّهمنا بالإرهاب لأننا تحدثنا مع حزب "ديم"، والآن هو (أردوغان) يفاوض نفس الحزب، فيما رؤساء بلدياتنا لا يزالون في السجون".
0 تعليق