نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
حقاً هل نعرفهم؟ - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 04:30 صباحاً
ايجي سبورت - في ندوة مشتركة مع زملاء تمت الأسبوع الماضي شارك فيها كاتب هذه السطور، وكان موضوع النقاش هو الحرب الإيرانية - الإسرائيلية وتداعياتها على منطقة الخليج، استمعت إلى المداخلات التي كانت فيها وجهات نظر متعددة، إلا أن الملاحظة التي خرجت بها من اللقاء، أننا لا نزال بعيدين عن النظر إلى هذا الموضوع الهام، وهو الموضوع "الإسرائيلي - العربي" بشكل جدي وعقلاني وعلمي.
تمتلئ مفرداتنا بنظرية المؤامرة، وهي أن هناك سايكس بيكو جديدة، وأن هناك قوة أميركية تريد الهيمنة على هذه المنطقة وتستعبد شعوبها. بدا لي أن ذلك الخط من التفكير أمر يحتاج إلى نقاش. وما زاد الأمر بلة أن قال أحدهم، وهو متأكد مما قال، إن هناك شعاراً لإسرائيل أنها تريد الهيمنة على المنطقة الممتدة من الفرات إلى النيل. حاولت أن أنظر في هذا الموضوع بشكل عقلاني، ولكني قبل أن أجيب عن الأسئلة المعلقة، أريد أن أنظر ولو قليلاً إلى الماضي القريب.
لقد ابتليت هذه المنطقة في مراحل متعددة من مسيرة الصراع العربي - الإسرائيلي بقيادات عربية أقرب إلى التفاهة منها إلى العقلانية. مثال في اجتماع الجامعة العربية في القاهرة أيار/ مايو 1967 (قبل أسبوعين من حرب حزيران/ يونيو من ذلك العام)، وكان رئيس الجمهورية السورية وقتها أمين الحافظ، قال للمجتمعين، ونشر قوله في الصحف في اليوم التالي، إنكم لو أعطيتموني أسبوعين فقط لقمت برمي إسرائيل في البحر . فقضية من النهر إلى البحر تتردد حتى وقتنا الحالي، دون فهم للمعطيات الحقيقية التي تحيط بنا!
أعود إلى نظرية المؤامرة، وأؤكد بأنه حسب البحث العلمي، لا يوجد هناك شعار رسمي لإسرائيل يقول من الفرات إلى النيل! تلك مقولة رتبها العقل العربي في إطار المزايدة الكبرى التي روج لها، ولا نزال نخوض بعضها.
ربما قليل منا يعرف أن هناك عدداً من مراكز البحث الإسرائيلية المتخصصة في الدراسات العربية والإسلامية سواء كانت هذه المراكز بحثية مستقلة، أو مرتبطة بجامعات، وعددها سبع مراكز كبرى، غير المراكز التابعة للجامعات الأصغر ، وعدداً من الجامعات تدرس الإسلام والعربية، كجزء من دراساتها الأكاديمية.
وفي حين أن القليل من العرب متخصص في الدراسات العبرية، فإن اللغة العربية تدرس بشكل رسمي وواسع في إسرائيل، وأما من يعرف العبرية من العرب فهم فقط عرب الداخل، حاملو الجنسية الإسرائيلية، ونحو 40 إلى 50 من أبناء الضفة الغربية، وفقط 10% من أبناء غزة، أما العرب خارج إسرائيل فإن تخصصهم نادر في الدراسات العبرية.
الفكرة الرئيسية هنا أن اعتماد العلم هو أساس فهم الآخر، وهو أساس بناء أدوات الصراع مع الآخر، أما اعتماد العاطفة والشعبوية والشعوذة، فهذا أمر لن يقودنا إلا إلى الإفلاس والهزيمة.
منذ فترة ليست بالقصيرة بدأت كتابات عربية تتحدث عن أهمية العلم، ومنها أقلام فلسطينية جادة كمثل صقر أبو فخر ورشيد الخالدي وغيرهما. الآن ذلك مفقود في عقل القيادات الشعبوية والأبوية، لأن العلم وتطوره والاستفادة منه، يحتاج إلى مجتمع فيه سقف حريات، لأن العلم هنا هو الرأي والرأي الآخر، والبحث والتقصي الحر في الممكن، والاعتماد على الأرقام، وعلى الحقائق الثابتة والصلبة، وليس على التمنيات أو الرغبات أو حتى المشعوذات.
الكثير مما اعتمدناه شعبياً حول صورة الإسرائيلي، هو صورة مشوهة، وغير حقيقية، نحن في حقيقة الأمر بشكل عام حتى في الدوائر الرسمية العربية نحط من قوة الآخر لفظاً، ونحسبه انتصاراً، ولا نعرف هذا الآخر حق المعرفة، كما لا نعرف الأركان الرئيسية التي تقوم عليها دولة إسرائيل، من حيث فصل السلطات والمساءلة وتحمل أخطاء الأفعال، ومن يهزأ بقوة عدوه يُهزم!!
بعد حرب 1973 ظهرت دراسة موسعة قامت بها مجموعة مستقلة إسرائيلية (تقرير اغرانات) حول الأخطاء التي ارتكبتها إسرائيل في تقدير الحرب. على إثر ذاك قدمت غولدا مائير استقالتها!
بعد الحرب التي قامت بين إسرائيل و"حزب الله" عام 2006، قال شيمون بيريز في مقالة له في "نيويورك تايمز"، لقد أخذنا كل الأخطاء التي ارتكبناها إلى أولادنا في الحجرات الخلفية من أجل الدراسة والاستعداد للمستقبل.
إذن ثنائية العلم والحرية، هي التي تقدم لنا الأدوات الحقيقية والصالحة في معالجة كل المشكلات التي تواجهنا، وهي الطريق والمنهج الصحيح، ليس فقط في مواجهات الأعداء، ولكن حتى في فهم الأصدقاء. الآن هذه الأدوات قليلاً ما يعترف بها في فضائنا العربي. ونعود من جديد إلى ترديد تلك الشعارات سايكس بيكو جديد وتقسيم للعرب، وتأكيد أن كل هذا الفضاء العالمي، هو معادٍ للعرب ولا يفهم طموحاتهم!!
هذا ما حدث في العراق تحت حكم صدام حسين والبعث، وكذلك ما حدث لسوريا تحت حكم البعث لنصف قرن تقريباً، كما حدث أيضاً في ليبيا حيث قرر السيد القذافي أن يكون ملك ملوك أفريقيا! وحارب حتى طواحين الهواء، هذا ما يفعله الحوثي اليوم في اليمن. ويعتقد الحوثي بأنه يساهم في تحرير فلسطين، في حين أن الشعب اليمني تحت سلطة هذا الحوثي فقير معدم، لا يجد حتى الدواء الذي يتداوى به أطفاله.
0 تعليق