مناورة "الإخوان" بـ"حسم" ورسالة الأزهر - ايجي سبورت

النشرة (لبنان) 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
مناورة "الإخوان" بـ"حسم" ورسالة الأزهر - ايجي سبورت, اليوم الثلاثاء 15 يوليو 2025 04:50 صباحاً

ايجي سبورت - لم يكن الفيديو الأخير المنسوب لـ”حركة حسم” مجرد مادة مصورة تُضاف إلى أرشيف تنظيم "الإخوان"، بل إشارة مقلقة في توقيت بالغ الحساسية. أعاد الشريط اسم "حسم" إلى الواجهة بعد غياب استمر سنوات، كان يُفترض خلالها أن تكون هذه التنظيمات قد تراجعت بفعل الضربات الأمنية وتغير السياق الإقليمي وتقلص الغطاء السياسي والإعلامي الذي طالما وفّرته جهات معادية. واللافت أن هذا الظهور جاء في لحظة بدت فيها المنطقة تتجه إلى التهدئة، والعلاقات تعيد بناء نفسها، واللاعبون التقليديون يتراجعون خطوة إلى الخلف.

بدا الفيديو كأنه محاولة بائسة لإعادة مشهد تجاوزه الوعي العام، إذ حمل صوراً لعناصر ملثمة تؤدي تدريبات قتالية وتقطع عهود السلاح، في استدعاء مكشوف لماضٍ مسلح، لكن ما خفي خلف المشهد كان أخطر: تيار فقد أدوات الحشد، وتآكلت رموزه، ولم يعد يملك سوى التلويح بالعنف لإثبات حضوره. ورغم محاولة المقطع الجمع بين لغة "القصاص الثوري" وأسلوب التنظيمات الجهادية، إلا أن الرسالة بدت متخبطة، لا تخلو من نزعة استعراض، والمغزى النهائي: "الإخوان" يريدون العودة عبر باب الدم.

المفارقة أن بث الفيديو تزامن مع تصعيد موازٍ على المنصات "الإخوانية"، يُروّج لفكرة أن النهج السلمي لم يعد مجدياً، في ما يشبه التمهيد النفسي لموجة عنف جديدة، لكن المتابعين لتاريخ الجماعة يدركون أن هذا السؤال زائف في جوهره، فـ"الإخوان" لم يغادروا مربع العنف أصلاً. منذ لحظة سقوطهم من الحكم، اختاروا التدمير: حرقوا المنشآت، اعتدوا على المواطنين، استهدفوا رجال الأمن، ودعموا "داعش" بعناصر مدربة. لم يكن ذلك انحرافاً طارئاً، بل امتداد لجذور متأصلة، بدأت منذ الاغتيالات السياسية في الأربعينات، مروراً بمحاولات قتل عبد الناصر، ووصولاً إلى ظهور "التكفير والهجرة" على يد "الإخواني" شكري مصطفى، ثم قتل الشيخ الذهبي، وكلها شواهد على أن العنف ليس طارئاً في تاريخ الجماعة، بل قاعدة تسكن خطابها وتُستدعى عند الحاجة.

وما يفضح هذا التناقض أكثر، هو ما تسرّب أحيراً من بيان منسوب إلى الجماعة، وُجّه إلى شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب، يدعوه الى التدخل لإنقاذ سجنائهم، وجاء هذا البيان الاستعطافي بعد أيام من الفيديو الذي يهدد بالعنف، مما يكشف عن الأسلوب المعهود للجماعة: من يخشى التهديد نهدده، ومن يُرجى استعطافه نستعطفه. هذا التناقض مألوف ولطالما استُخدم للتلاعب بالمشاعر والمواقف، وتوزيع الخطاب حسب طبيعة الجمهور.

في مرحلة ما بعد 2013، ظهرت "حسم" كذراع مسلحة بعد مقتل محمد كمال مؤسس “اللجان النوعية” التي خرجت منها "حسم" و"لواء الثورة". وُضعت هذه الكيانات على قوائم الإرهاب في أميركا وبريطانيا، في اعتراف دولي بصلة الجماعة بالعنف، وكشفت التحقيقات عن تنسيق ميداني مع "داعش"، سواء في هجمات الكنائس، أو عبر ظهور عناصر "إخوانية" ضمن معسكرات "داعش" شرق القناة، بينهم القيادي عمر الديب، الذي ظهر في إصدار مصور لـ"داعش" في سيناء، بينما استمر الخطاب الإعلامي للجماعة في الترويج لهذه الجرائم باعتبارها "مقاومة مشروعة"، ومن يُقتل من عناصرها "ضحية تصفية".

بات المصريون يدركون أن "السلمية" التي يتغنى بها "الإخوان"، ما هي إلا قناع يُسقطونه حين يريدون، وأن الدعوة إلى تركها ليست تحوّلاً، بل عودة إلى الأصل، والفيديو الأخير جزء من محاولة يائسة لإعادة تدوير أدوات فقدت قيمتها، أو تذكير لجمهور مشتت بأن الجماعة لا تزال قادرة على التخويف. لكن اللحظة تغيرت، ومصر تغيّرت، والمجال الذي كان يسمح بالتلاعب بثنائية "الدم والمظلومية" ضاق، وقد يثير هذا الفيديو ضجيجاً لحظياً، لكنه لا يغير شيئاً: مشروع لم يتخلَّ عن العنف لن يجد له موطئاً في واقع تجاوز لعبة التخويف، واعتاد أن يعرّي الخطاب المزدوج، مهما تلون وتخفّى.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق