نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
أسباب التّوتر بين البلدين ما زالت قائمة... عودة السفير الفرنسي إلى الجزائر مستبعدة حالياً - ايجي سبورت, اليوم الخميس 17 يوليو 2025 05:49 صباحاً
ايجي سبورت - لم يحدث أن بقي سفير فرنسي في الجزائر أكثر من ثلاثة أشهر بعيداً عن سفارته في العاصمة الجزائرية، كما هي حال السفير ستيفان روماني الذي سحبته فرنسا في رد على سحب الجزائر سفيرها من باريس وطرد ديبلوماسيين فرنسيين.
ويبدو أن بقاء روماني في فرنسا قد يطول، لأن العلاقات الجزائرية -الفرنسية تمر بأزمة غير عابرة رغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصرّ على الحفاظ على قنوات اتصال، ولو على أدنى المستويات، رافضاً القطيعة الكاملة. وترى الأوساط الفرنسية المتابعة للعلاقات بين البلدين أن العنصر الأساسي الذي يحدد هذه العلاقة ليس الاقتصاد ولا السياسة، ربما قليلاً الجانب الأمني، ولكن عمق العلاقة مرتبط بوجود ستة ملايين فرنسي إلى سبعة ملايين في فرنسا تربطهم بالجزائر علاقة عبر التاريخ، إما عبر الأرض أو الدم ويشكلون شرائح اجتماعية لا علاقة لها بعضها ببعض. منهم الفرنسيون العائدون من الجزائر وأبناؤهم الذين لا تزال ذاكرة الجزائر حية في أذهانهم، و"الحركي" الجزائريون الذين كانوا موالين لفرنسا وخدموا في جيشها وما زالوا يحملون جرحاً عميقاً بسبب الظروف التي أتوا فيها إلى فرنسا. وأبناؤهم وأحفادهم ما زالوا يحملون هذا الجرح، إذ تربوا في ظل ما غرسه فيهم آباؤهم وأجدادهم.
العلاقة داخل المجتمع الفرنسي ليست فقط علاقة بين دولتين. هذا الواقع، بحسب هذه الأوساط، يجعل ملف العلاقات معقداً جداً لأنه ليس شأناً خارجياً بل أيضاً شأن داخلي. فهذه الشرائح من المجتمع الفرنسي تشعر أن فرنسا تسببت بمشكلتها وتخلت عنها بالكامل في ستينيات القرن الماضي، ثم جاءت الموجة الكبيرة من الهجرة الاقتصادية الجزائرية إلى فرنسا بمعدل حوالى 100000 شخص سنوياً.
وبموازاة ألم هذه الشرائح من المجتمع الفرنسي، يوظف النظام العسكري الجزائري، منذ عقود، الكراهية ضد فرنسا والعداء تجاهها أداة سياسية، وتضاعف هذا التوظيف كثيراً في السنوات الأخيرة، لأن الذين يحكمون الجزائر اليوم فقدوا شرعية "المجاهدين"، كونهم فقط أبناء مجاهدين. فالرئيس عبد المجيد تبون مثلاً في سنه الـ80 وهو ابن مجاهد وشرعيته مستمدة فقط من النظام العسكري. وهذه الطبقة تخترع لنفسها شرعية في عدائها لفرنسا. لكن الأوساط الديبلوماسية الفرنسية تعترف بأن لفرنسا مصالح أساسية مع الجزائر، أولاها استقرار الجزائر أياً كان قائد البلد، لأن زعزعة استقرار الجزائر لها عواقب خطيرة على فرنسا، وضرورة بقاء الرابط الإنساني بين الشعبين.
ويتبع الرئيس الفرنسي منطق التهدئة منذ إعلان فرنسا اعترافها بمغربية الصحراء الغربية الذي أثار غضب الجزائر التي طردت عدداً من الديبلوماسيين الفرنسيين لترد فرنسا بالمثل. لكن ماكرون لا يريد صداماً مع الجزائر، خصوصاً أنه في البداية رأى أنه يمكنه أن يعقد علاقات جيدة مع الرئيس تبون لكن الأخير وضعه هش، فهو خيار العسكر إثر الحراك الشعبي الذي هدد مصير النظام الجزائري، وقد اختاروه لأنهم لم يجدوا بديلاً.
ومن أسباب التوتر بين البلدين أيضاً قضية الجزائريين المقيمين بطريقة غير شرعية في فرنسا، وبينهم محكومون بجرائم اتخذت في حقهم قرارات إبعاد، فيما ترفض الجزائر إعطاءهم أوراق مغادرة قنصلية للعودة إلى بلدهم وعددهم حوالى 30000 سنوياً.
وبعد قضية الصحراء الغربية جاءت قضية توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال المسجون حالياً في الجزائر وما أثارته من رد فعل فرنسي. وما زاد غضب الجزائر زيارة الدولة التي قام بها ماكرون للمغرب وحفاوة الاستقبال المغربي. ومن المتوقع أن يرد ملك المغرب الزيارة بمثلها قريباً.
وهكذا من الواضح أن عودة السفير الفرنسي إلى عمله في الجزائر لن تتم إلا بعد خطوة جزائرية يعتبرها ماكرون بداية مجددة في العلاقات بين البلدين.
0 تعليق