نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
النهج الأمريكي - الإسرائيلي في التفاوض - ايجي سبورت, اليوم الأحد 13 يوليو 2025 09:24 مساءً
صالح أبو مسلم
صالح أبو مسلم
التفاوض هو حوار متبادل بين طرفين يكون جوهره العدل والإنصاف، ويهدف إلى فض النزاعات، والتوصل إلى اتفاق بحضور أطراف محايدة ونزيهة، وذلك لضمان الاعتراف بحقوق الآخر وصولاً إلى التسوية، ومن شروط نجاح التفاوض هو أن يملك أطراف النزاع القناعة الحقيقية للتفاعل فيما بينهم، مع إعلاء صوت الحجة والحق والقانون، وتجنب وقوع التفاوض تحت باب التهديد والعنف، أو استخدام التسويف والحيل المخادعة الكاذبة، حتى لا تنتفي صفة التفاوض، ولهذا فإن التفاوض العادل يقوم علي الثقة المتبادلة، وعلي نية التصالح بين الأطراف، مع توافر صفات الاحترام والشفافية المتبادلة.
أما التفاوض علي الطريقة الإسرائيلية الأمريكية، فإنه - دونا عن شعوب العالم- لا يحترم القوانين والأعراف الدولية، ولا يلتزم بالمبادئ والقيم، بل يقوم التفاوض مع أحد الطرفين على التهديد، الهيمنة، استخدام القوة، النفوذ، الاستخدام الجائر لحق النقض "الفيتو" الذي يتسبب في ظلم الدول، والتهديد بفرض العقوبات الاقتصادية والتعريفات الجمركية علي الدول أو الأفراد الذين لا يلبون أهداف ومصالح كل من إسرائيل وأمريكا، وهي مصالح تقوم من خلال تعامل هاتين الدولتين مع الدول الأخرى على الابتزاز، وإنكار حقوق الآخر، أي أن المفاوض الأمريكي أو الإسرائيلي يدخل للتفاوض من أجل تحقيق مصالحه أولا، ولو على حساب ظلم الأطراف الأخرى، وانتهاك حقوقها ومقدراتها، وهذا التفاوض الظالم والجائر ينطلق من الزهو بالقوة، وهو زهو كامن في العقل الباطن الجمعي في المجتمع الأمريكي، وهو نفس الزهو الذي أورثته أمريكا لإسرائيل، باعتبارها القوة التي لا تقهر في المنطقة والعالم، ولهذا فإن تاريخ القرار السياسي المتعلق بمصالح أمريكا كان يأتي دوماً فوق القيم، أو متجاوزا القيم وضد شعارات الديموقراطية، وغيرها من المفاهيم الإعلامية التي تصدرها أمريكا للعالم لإضفاء الشرعية، في حين أنها مفاهيم وقيم لا يصبح لها وزن عند المصالح العليا الأمريكية التي لا تتحقق إلا من خلال استخدام العنف والقوة والباطل وظلم الآخر.
ولهذا فالمفاوض مع أمريكا وإسرائيل وجب عليه أن يدرك أن التفاوض مع هاتين الدولتين وكما علمنا التاريخ إلا كردة فعل لما يحدث في ميدان الصراع، بمعنى أن الخاسر في الصراع هو عادة ما يكون الخاسر أيضاً في المفاوضات، وبالنظر إلى مفاوضات أمريكا في المنطقة، انطلاقاً من غزو العراق، ووصولاً إلي الحرب مع إيران، بل وانطلاقاً من الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وتحديداً منذ عملية السابع من أكتوبر عام ٢٠٢٣، وما تبعها من إبادة جماعية من جانب إسرائيل علي قطاع غزة، وعلى الضفة، وما نجم عنها من قتل جماعي وإذلال وتجويع وترويع، وتهجير قسري، وبما يخالف كل القوانين والأعراف الدولية بحماية أمريكية، وإجبار الفلسطينيين علي التفاوض قد أثبت لنا أن التفاوض مع أمريكا وإسرائيل هو ضرب من الأوهام، وذلك بعد أن بذل الفلسطينيون ودول المنطقة، ودول العالم الحر جهوداً حثيثة وممتدة من أجل إنجاح التفاوض ووقف الحرب، ولكن إسرائيل بوجود نتنياهو ومتطرفيه قد أفشلوا كل محاولات التفاوض المضنية، وأوصلوا الفلسطينيين والقائمين علي التفاوض إلي صفر من الحقوق، وقد مارست حكومة بنيامين نتنياهو ذلك بحجة القضاء علي حماس، وبحجة إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين، وللأسف فإن الحجج التي تستخدمها إسرائيل هي من أجل استنزاف وتسويف الوقت من أجل تحقيق هدفها المنشود، وهو إخلاء القطاع من سكانه، وضمه إلي إسرائيل مع تكريس متواصل لسياسة الضم والتهجير، مع إنكار حق الشعب الفلسطيني في أرضه وإقامة دولته، وتعريضه للويلات وإجباره علي الرحيل، ليصبح التفاوض مع كل من أمريكا وإسرائيل مجرد مضيعة للوقت، وإنكار للحقوق، وهو النهج التي تستخدمه أمريكا ورئيسها ترامب، ونتنياهو في إسرائيل مع دول المنطقة، وباقي دول وشعوب العالم.
0 تعليق